Authenticating an undocumented Tilaq
khula - tilaq - faskh services
نظرة عامة عن الطلاق – الفصل الأول
الأصل أن ميثاق الزوجية وجد ليدوم ويستمر، ضمانا لاستقرار الأسرة، وحمايتها من التفكك مع توفير أسباب تنشئة الأطفال تنشئة سليمة، ومن اجل هذا وجب عدم اللجوء إلى حل هذا الميثاق إلا استثناء، وعند الضرورة القصوى أخذا بالآثار الواردة في الموضوع ….
فلئن أجاز الشرع الطلاق فقد رغب عنه لما يترتب عنه من آثار سلبية لا تقتصر على الزوجين فقط، بل تمتد إلى الجماعة في شكل تنامي ظواهر اجتماعية تعيق النمو وتقدم المجتمع، ومهما يكن فإن حل عقد الزواج الذي يعتبرفي حد ذاته ضررا، لا يتم اللجوء إلا في حدود دفع ضرر أشد منه ومن قيوده الشرعية التأكد من سنتيه التي منها وجوب كون الزوجة في طهر لم تتم فيه المعاشرة.
ولما كان الطلاق إنهاءا لزواج ينعدم فيه الرضى بين الزوجين، وحتى لا يكون تعسفيا اتجاه أحد الطرفين، وردت عليه قيود نصت عليها الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، فما هو مفهوم الطلاق وشروطه (مبحث أول )، وما هي أقسامه وأحكامه ( مبحث ثاني ).
المبحث الأول: مفهوم الطلاق وشروطه
نتعرض في هذا المبحث لتعريف الطلاق والحكمة من مشروعيته ( مطلب أول) ثم نتناول في مطلب ثاني شروطه :
المطلب الأول : تعريف الطلاق والحكمة من مشروعيته :
الفقرة الأولى: تعريف الطلاق
الطلاق لغة: هو رفع القيد مطلقا حسيا كان أو معنويا ، وهو في اصطلاح الفقهاء ، رفع قيد النكاح في المال أو المآل بلفظ مخصوص ، فهو إذن بائن إن أزال الزوجية حالا، وهو رجعي إن كان يزيلها لعد انقضاء العدة ويقال امرأة طالق من نسوة طلق وطالقة من نسوة طوالق ، وأنشد الأعشى
أجا رتنا بيني ، فإنك طالقة !
كذلك أمور الناس غاد وطارقة .
وفي القرآن الكريم :
ورد ذكر الطلاق في القرآن الكريم في آيات كثيرة منها قوله تعالى :
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .
وقوله سبحانه وتعالى : لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن ، ويقول في محكم كتابه العزيز يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة
في السنة :
-أما السنة فهناك أحاديث كثيرة تتكلم عن الطلاق منها :
– أن النبي صلى الله عليه وسلم ” طلق حفصة ، ثم راجعها” ( رواه داود والنسائي وابن ماجة ) .
– ما روي عن عمر أنه قال :” كانت تحبني امرأة وأحبها وكان أبي يكرهها، فأمرني أن أطلقها فأبيت فذكر ذلك للنبي عليه السلام، فقال :” يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك ” ( رواه البخاري ومسلم والترمذي )
المشرع المغربي في هذه المادة جعل ممارسة الطلاق من طرف الزوج أو الزوجة، بعد أن كان يمارسه الزوج فقط، وفي جميع الأحوال فإن الطلاق يتم تحت مراقبة القضاء، وفق الأحكام المفصلة في هذه المدونة .
فواقعة الطلاق ليست مجرم تصرف ثنائي، بل هي تصرف اجتماعي تنعكس آثارها على المجتمع، وتسيء استقراره وطمأنينته . ومن أجل ذلك نجد جميع التشريعات السماوية منهاو الوضعية اعتنتبتنظيم الطلاق وانطلاقا من ذلك نعرض فيما يلي:
أولا : موقف الشريعة الإسلامية من الطلاق .
ثانيا: موقف مدونة الأسرة من الطلاق .
أولا : موقف الشريعة الإسلامية من الطلاق
إذا كان الإسلام قد رخص بالطلاق ، فإنه اعتبره استثناء لا يجوز اللجوء إليه، إلا عند الضرورة القصوى وعند استنفاد كل الحلول الممكنة، وقد اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن ” أبغض الحلال عند الله الطلاق ” و ” ما أحل الله شيئا ابغض من الطلاق ” و” تزوجوا ولا تطلقوا ، فإن الله لا يحب الذواقين والدوقات”. كما أن الإسلام حرم الطلاق الذي لا مبرر له ، في محاولة للحد من الظاهرة السلبية فجاء في الآية الكريمة : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ، كما ورد في آيةأخرى: واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن و لا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ، كذلك دعا الإسلام إلى بذل كل الجهود لتفادي الطلاق ، فنصتالآية 35 من سورة النساء على قوله تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ، إن الله كان عليما خبيرا .
وقد قيد الإسلام الطلاق بعدة قيود لغل يد الرجل، الذي غالبا ما يكون هو المسؤول عن توقيعه. ومن ضمن هذه القيود ضرورة عدم توقيعه خلال فترات حيض المرأة بل وجب انتظار طهر المرأة وأن لا يكون الرجل قد مسها خلال فترة الطهر هاتة، وهذا القيد ثابت في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي: أن ابن عمر رضي الله عنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء امسكها بعد ذلك وإن شاء طلقها قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء “.
وهذا القيد من شأنه التقليل من مدة الفترة الزمنية المسموح فيها للرجل بالطلاق و يجعله ينتظر عند الرغبة في توقيعه توفر تلك الشروط وهو الأمر الذي قد يجعله يتراجع عن موقفه بعد التفكير جيدا خلال فترة الانتظار .وفعلا ثبت من الناحية العملية عدم احترام هذا القيد في غالبية الأحيان من قبل الطليقين والجهات المشرفة على الطلاق من عدول وقضاة .
ومن القيود التي فرضها الإسلام أيضا على الطلاق عدم اعتبار الطلاق حالا وقائما بمجرد توقيعه من قبل الزوج، بل الرابطة الزوجية تظل مستمرة بكل آثارها، باستثناء المعاشرة الزوجية، إلى حدود انتهاء فترة العدة هذا إذا لم يتعلق الأمر بالطلاق الثالث أو بطلاق قبل الدخول .
وهذا القيد تم تقريره كذلك لجعل الزوج يفكر جيدا في نتائج الطلاق المقبل عليه، ومن شان تواجد المرأة أمامه خلال هذه الفترة وقربها منه أنيجعله يتراجع عن فكرة الطلاق وفي هذا الصدد ورد في القرآن الكريم من سورة البقرة :
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق في الله في أرحامهن ن كن يؤمن بالله واليوم الآخر ، وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف .
كما ورد في سورة الطلاق الإشارة إلى ضرورة بقاء المرأة في البيت خلال فترة العدة، وذلك في الآية الأولى بنصها على أنه لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، هذا القيد ثم إغفاله كذلك من الناحية العملية، ولا يتم احترامه سواء من قبل الأطراف أو العدول أو القضاة.
كذلك من ضمن القيود التي أقرها الإسلام لردع إقبال الرجل على الطلاق فرض المتعة وذلك بنص الآية من سورة البقرة : وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ، ويرى بعض الفقهاء ” أن المقصود بالمعروف هنا تقدير المتعة على حسب ما هو مألوف مع مراعاة فيه ما لحق المرأة من ضرر نتيجة تعسف الزوج في الطلاق.
كذلك لتقييد سلطة الرجل في الطلاق منحت الشريعة الإسلامية حضانة الأبناء بعد الطلاق للأم. وقد أكد هذه القاعدة حديث للنبي صلى الله عليه وسلم ورد فيه : ” إن امرأة قالت يا رسول اللهإن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وأن أباه طلقني فأراد أن ينزعه منيفقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت أحق به ما لم تنكحي ” . وإضافة إلى إسناد الحضانة إلى الأم يتكلف للأب بالنفقة عليهم وكل هذه القواعد من شأنها جعل الرجل يتردد كثيرا قبل توقيع الطلاق وعدم اللجوء إليه إذا أجبر على ذلك وكان مبرره معقولا.
غير أن تطبيق هذه القواعد الحمائية التي أقرها الإسلام ، يشوبه الكثير من العيوب من الناحية العملية، بحيث لا يتم احترامها في أحيان كثيرة ، مما يحول دون تحقيق الغاية التي أقرها من أجلها.
يظهر مما سلف أن الإسلام وضع قيودا حقيقية على سلطة الرجل في توقيع الطلاق في محاولة للحد من آفاتهذه الظاهرة، إلا أن عدم احترام هذه القواعد هو الذي أوصلنا إلى الوضعية الحالية والتي تتميز بارتفاع نسبة الطلاق في بلدنا والبلدان الإسلامية عامة بشكل أثر كثيرا على استقرار الخلية الأولى في المجتمع ( الأسرة) ونتج عنه تشريد الكثير من النساء والأطفال.
ثانيا: موقف مدونة الأسرة من الطلاق
تأسيسا على ما استجد من المقتضيات بشأن الطلاق في مدونة الأسرة ، فقد تم تقييد هذا الحق، بمعايير شرعية استثنائية تتجاوبوقصد الشرع الإسلامي من هذا الحق، وإلى ذلك تنص المادة 70 من المدونة :” لا ينبغي اللجوء إلى حل ميثاق الزوجية بالطلاق أو بالتطليق إلا استثناءا، وفي حدود الأخذ بقاعدة أخف الضررين، لما في ذلك من تفكيك الأسرة “… وحقيقة أن هذا التقييد إنما يعتبر ترجمة عملية لما استقر على وجوب الأخذ به – وعن صواب- بعض الرؤى الفقهية السديدة ، وذلك إنه إذا كان عموم الجمهور يقرون أن إخلال ميثاق الزوجية يشكل عملا مباحا فإن تيارا فقهيا موازيا أضفى صفة الحظر على الطلاق وليس الإباحة ، وإلى ذلك يقول الإمام أبو زهرة :
-“… ومع تقرير الفقهاء أن الطلاق حق للرجل ، واتفاقهم على أنه لا يكون إلا عند الحاجة إليه قد اختلفوا في الأصل في الطلاق أهو الحظر أم الإباحة.
ولقد قال المحققون من الفقهاء أن الأصل في الطلاق المنع حتى توجد حاجة إليه لقوله تعالى : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ، ولا شك أن الطلاق مع عدم الحاجة إليه بغي عليها. واتخاذه سبيلا للفراق الظالم حمق، وقد روي عن أبو داوود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق ” وقد روي أنه قال :” لا تطلقوا النساء إلا من ريبة، فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات … هذا وإن الزواج نعمة والطلاق قطع له ، وقطع النعمة لا يجوز إلا إذا زالت صفتها ، وأيضا فإن الزواج عقد أبدي لازم والقياس لا يوجب ألا ينهيه أحد العاقدين بإرادته المنفردة ولكن أجيز للحاجة فقط، فإذا لم تكن ثمة حاجة يبقى القياس هو المنع … .
“… ومن جهته يقول الإمامميارة الفاسي ” … والطلاق مباح من حيث هو في الجملة وقال بعض الشيوخ إنه مكروه، لما ورد عن أبي داوود قوله عليه السلام قال :” إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق ” ولأشكال أنه قد يعرض له الوجوب والتحريم والندب “… أما عليا ابنأ طالب فقد ورد في البهجة قوله :” لا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمان …” .
-وتماشيا مع هذا المعطى فقد تم تقييد أحقية الرجل في ممارسة حق الطلاق بضوابط شرعية، لتفادي جميع أشكال التعسف في أثناء سلوكه، تنويحا لقوله عليه السلام :” إن أبغض الحلال عند الله الطلاق … “.
ومن خلال ما سبق تطرح مشروعية التساؤل الآتي : ما هي أهم التطبيقات القانونية لهذه الضوابط في ظل القانون الجديد؟ وهل هذه القيود الشرعية من شأنها كبح جماح حالات الطلاق التعسفي والحد من آثارها السلبية – يمكن القول أن مدونة الأسرة أقرت جملة من المقتضيات القانونية والأليات القضائية التي تحول دون التعسف في استعمال حق الطلاق ، نذكر منها على الخصوص:
أ- جعل مسطرة حل ميثاق الزوجية تحت الإشراف الفعلي والمراقبة الميدانية للمؤسسةالقضائية بكيفية تصون كرامة المرأة وتحافظ على حقوقها المكتسبة سواء الشخصية منها والمقررة لفائدة أبنائها منه
ب-تقوية سبل الإصلاح بين الأطراف المتخاصمة ، وتعزيز آليات التوفيق والوساطة بتدخل الأسرة والقاضي ، وفي هذا الصدد تنص المادة 82 من مدونة الأسرة في فقرتها الثانية :” للمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة، أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين، وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما، إذا تم الإصلاح بين الزوجين حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة …” .
ج-ضمان حق المرأة المطلقة بعد الطلاق في حالة تعذر الإصلاح بين الزوجين، مع الالتزام بموازاة ذلك بالحفاظ على حقوق الأطفال ومكتسباتهم بعد حل ميثاق الزوجية، وعليه ففي حالة ما لم تسفر مبادرة إصلاح ذات البين عن أية نتيجة إيجابية، فإن المحكمة تحدد مبلغا من المال يودعه الزوج لزوما بكتابة الضبط بالمحكمة داخل أجل أقصاه 30 يوما لأداء مستحقات المطلقة وأبنائها، مع العلم أن الواجبات المقررة لهذه الأخيرة تتضمن مؤخرا الصداق متى وجد ونفقة العدة، والمتعة المراعي في تقديرها مجموعة من المعايير الجديدة كاعتبار طول فترة الزواج من قصرها، والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيع الطلاق ، مع الاحتفاظ للمطلقة في فترة عدتها بالاستمرار في شغل مسكن الزوجية، وفي حالة تعذر ذلك فإن المطلق ملزم بتوفير مسكن ملائم لها يتناسب ووضعه المالي، وإلا حددت المحكمة تكاليف السكن في مبلغ مالي يودع أيضا ضمن المستحقات المالية المقررة للمطلقة بكتابة ضبط المحكمة التي يتواجد بها بيت الزوجية أو مواطن الزوجة ، أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب
– الفقرة الثانية: مشروعية الطلاق وحكمته
لقد بني التشريع الإسلامي مختلف مؤسساته الشرعية على مجموعة من الأحكام ذات الغايات والمقاصد المحددة، ولذلك فإن تشريع الطلاق قد بني على حكمةعظيمة نتولى بيانها في النقطة الأولى من هذا المطلب ، كما أنها تتوازن مع حكمة في التشريع الإسلامية على نحو ما في النقطة الثانية .
أولا: مشروعية الطلاق
شرع الطلاق في الإسلام لحكم كثيرة نذكر منها ما يأتي :
1- الأصل في الشريعة الإسلامية أن الزواج شرعه الله تعالى على وجه البقاء والاستمرار والدوام من أجل تأسيس الأسرة التي هي الخلية الأولى في المجتمع ولذلك لا ينعقد على وجه البقاء كما سبق بيان ذلك ، ولكن قد تتنافالقلوب بين الزوجين وتختلف طباعهما ويدب الخلاف ويستحكم أمره بل قد يكيد كل منها للآخر ، ويتعذر الوفاق في ظل هذا الشقاق .
وتتحول حياتهما إلى جحيم لا يطاق ، ولذلك كان الطلاق سبيلا ومخرجا من هذا الشقاق وصدق الله العظيم في قوله الكريم: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما .
2- قد يهمل أحدهما ويبحث عن المتعة عند غيره، وتصبح الحياة الزوجية وسيلة إلى كثير من الشرور والأثام بعد أن كانت سياجا لشرف الزوجين وعفافها، فكان الطلاق الذي شرعخلاصا للزوجين من المفاسد والشرور .
وهناك أسباب اجتماعية عديدة لا تتوافر معها المحبة بين الزوجين ولا يتحقق معها التعاون المنشود والقيام بالحقوق الزوجية كما أمر الله تعالى.
ثانيا: حكمة الطلاق
لقد اتفق الفقهاء المسلمون أمام الإمكانية الشرعية في إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق على عدم اللجوء إليه إلا عند الحاجة والضرورة ثم اختلفوا بعد ذلك هل مباح أو محظور ؟.
ويمكن تلخيص الفقهاء في هذه المسألة وإرجاعها إجمالا إلى اتجاهين:
الاتجاه الأول: وخلاصته أن الأصل في الطلاق هو الحظر والمنع لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :” أبغض الحلال إلى الله هو الطلاق” . وقوله عليه السلام ” أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ” . وقوله أيضا ” تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمان “.
الاتجاه الثاني: وهو يرى أن الطلاق مباح، واستدلوا بقوله تعالى لا جناح عليكم أن طلقتم النساء ، وقوله تعالى : فطلقوهن لعدتهن ، ونعتقد بأن الأصل في الطلاق هو الحظر لأن الأصل في الزواج هوالدوام والبقاء ، والطلاق ينتج عنه ضرر بلا أدنى شك، وقد حرم الإسلام كل ما يؤدي إلى الضرر، يقول صلى الله عليه وسلم ” لا ضرر ولا ضرار ” ، وإن الطلاق ما هو إلا تشريع استثنائي يلتجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى وليس أمرا مباحا يستعمله الزوج متى أراد .
ويعتري الطلاق الأوصاف الآتية من الوجوب والإباحة والحرمة والندب والكراهية، وذلك على الشكل التالي :
أ- يكون الطلاق مكروها إذا أوقعه الزوج من غير سبب يضطره إليه أو دافع يدفعه إلى إيقاعه.
ويكون واجبا كما في اللغات، حيث يتهم زوجته بالزنا أو بأن الحمل أو الولد ليس منه وتنكر هي ذلك، وكما في الزواج الفاسد الذي يتعين فسخه.
ب – ويكون مندوبا ، ويمثل له بما إذا فرطت الزوجة في حقوق الله تعالى وعجز الزوج عن إجبارها ولم تستجب لتوجيهات زوجها .
ج – ويكون مباحا، إذا وجدت مبررات الطلاق وساء خلق الزوجة مع زوجها الإساءة التي لا تحقق الاستقرار في الأسرة .
د – ويكون حراما ، إذا كان الطلاق على خلاف السنة، كما إذا كان الطلاق بدعيا، كالطلاق أثناء الحيض، يضاف إلى ذلك إذ لم تكن الحاجة داعية إليه كما رأينا.
المطلب الثاني: شروط إيقاع الطلاق
لكي يقع الطلاق صحيحا فرض الشارع الحكيم شروط لا بد من توافرها، من ثم كان لزاما على من يصدر عنه أن يتوفر على مجموعة من الشروط حتى يقع تصرفه هذا صحيحا مستوفيا لجميع آثاره وتبعا لذلك سنتناول في هذا المطلب الشروط المتعلقة بالزوج ( الفقرة الأولى )، وتلك المتعلقة بالزوجة ( الفقرة الثانية) .
على أن نتناول الشروط الخاصة بالصيغة في (الفقرة الثالثة )
الفقرة الأولى : ( الشروط المتعلقة بالزوج)
يشترط في الزوج المطلق كمال الأهلية بالبلوغ والعقل والاختيار، وانطلاقا من ذلك سنبحث في الأوضاع الآتية :
أولا: يجب أن يكون بالغا
المشهور في المذهب المالكي أن طلاق الصبي غير المميز لا يقع صحيحا ودليلهم على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :” رفع القلم عن ثلاث، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم (يبلغ) ، وعن المجنون حتى يعقل ” .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” كل طلاق جائز إلا الطلاق المغلوب على عقله ” .
وبما أن مدونة الأسرة قد منعت الزواج قبل سن الثامنة عشرة لكل من الفتى والفتاة من العمر، فإنه لا داعي لمناقشة هذه النقطة على ضوء التشريع المغربي ، وعلى الرغم من ذلك وإلى حدود العشرين سنة فيجب أثناء الطلاق، أن يكون القاصر مؤازرا بنائبه الشرعي، خاصة أن للطلاق آثرا مالية لاتخفى.
ثانيا: يجب أن يكون عاقلا
الطلاق من الأمور الهامة والخطيرة ، لذلك فإيقاعه يحتاج إلى إدراك تام، والعقل أداة التفكير ومناط التمييز والتكليف، ومن تم لا يقع طلاق المجنون ومن على شاكلته كالمعتوه ، ولا يقع طلاق السكران والغضبان فكل حالة يكون فيها المطلق لا يدري ما يقول ويفعل، أو يغلب عليه الاضطراب في أفعاله وأقواله وتصرفاته كان طلاقه غير نافد. وذلك وفقا لما أقرته المادة 90 من مدونة الأسرة ، والتي جاء فيها ” لا يقبل طلب الإذن بطلاق السكران الطافح والمكره وكذا الغضبان إذا كان مطبقا”.
ثالثا: يجب أن يكون المطلق مختارا
يشترط أيضا في الرجل الذي يقدم على طلاق زوجته بأن يكون متمتعا باختيار تام غير مكره ولا هازل .
1- طلاق المكره :
الإكراه هو دعوة الإنسان غيره إلى فعل من الأفعال أو قول من الأقوال بالإيعاز والتهديد وإنزال الأذى الشديد إن لم يجب داعية .
ولا خلاف بين الفقهاء في أن نيل الشيء بالعذاب، كالضرب والحبس والخنق والغطس في الماء مع الوعيد بالقتل يكون مكرها، لما روي ” أن المشركين أخذوا عمارا فأرادوه على الشرك فأعطاهم، فانتهى إليه النبي وهو يبكي فجعل يمسح الدموع من عينيه وهو يقول ” أخذك المشركون فغطسوك في الماء، وأمروك أن نشرك لا لله ففعلت فإذا أخذوك فإذا أخذوك مرة أخرى فا فعل ذلك بهم “.
لكن الحنفية نذهب إلى وقوعه لأن المكره بالغ عاقل، وقد تلفظ بالطلاق عالما بما يقول، مؤثرا له على ما هدد به، وهذه علامة الاختيار. ويجمع بقية الفقه على أن الطلاق بالنسبة للمكره لا يقع عملا بقوله صلى الله عليه وسلم .
“رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ” .
ومن شروط الإكراه ما يلي :
– أن يكون المكره عاجزا عن الدفع، بفرار أو مقاومة أو استعانة بغيره.
– أن يكون المكره قادرا على تحقيق ما هدد به، بولاية او تغلب أو فرط أو هجوم .
– أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إذا لم يجبه إلى ما يطلبه .
– أن يكون الأمر الذي هدد به مما يلحق ضرر كثيرا ، كالقتل والعذاب الشديد والقيد والحبس الطويلين .
– أن يأتي المكره بنفس اللفظ الذي أكره عليه ، فلو اكره على طلاق مثلا “عائشة” فطلق زوجته ” رقية ” وقع الطلاق .
– المشرع المغربي اعتمد رأي الجمهور ولم يقر طلاق المكره ، لأن المكره غير راضي بالطلاق وإنما جبر عليه .
2- طلاق المجنون والمعتوه:
إن مناط التصرفات القانونية عموما هو الإرادة ، سواء أكانت هذه التصرفات قولية أو فعلية لا يعتد بها شرعا إلا إذا أصدرت عن شخص يتمتع بكامل قواه العقلية. فلا يكون مجنونا ولا معتوها .
وتجدر الإشارة إلى أنه ليس هناك ما يمنع النائب الشرعي من أن يراجع القضاء من أجل الحكم بطلاق المجنون لزوجته متى اتضح يقينا أن في استمرار زواجه ضرر كبير يصيبه.
3-طلاق السكران :
المقصود بالسكر الحالة التي يفقد فيها الشخص شعوره واختياره بصفة مؤقتة، وعارضه على إثر تعاطيه لكمية من سائل مسكر، أو مادة مخدرة تكفي لإحداث هذه النتيجة.
وهو نوعان سكر بطريق مباح كالحاصل من الدواء والبنج، أو حالة الاضطرار أو الإكراه، وسكر بطريق حرام كالحاصل من الخمر، وأي مسكر آخر .
وطلاق السكران فيه خلاف كبير بين الفقهاء .
حيث ذهب بعض الفقه إلى القول بعدم وقوع طلاق السكران مستدلين بقوله تعالى : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون . ووجه الدلالة أن الله سبحانه وتعالى جعل قول السكران غير معتبر لأنه لا يعلم ما يقول، وأنه غير مكلف الإنعقاد الإجماع ، على أن من شروط التكليف العقل، ومن لا يعقل ما يقول فليس بمكلف.
أما المالكية فقد قالوا إنه لو سكر سكرا حراما صح طلاقه، والأمر نفسه قال به الجمهور ، حيث فرقوا بين السكر بمباح فليس لعبارته أي اعتبار ، وبين السكر بمحرم ، فتقبل عبارته زجرا له ، وعقابا على تسببه في تعطيل عقله .
وفي الاستدلال بالأدلة السابقة ، يقولون بأنها دلت على تكليف من سكر لنهيهم في حالة السكر ، أن الصلاة ولا ينهى إلا المكلف .
وذهب فقه آخر إلى أن العبرة القائمة وقت السكر، حيث يكون في حالته هذه فاقد التمييز ، الذي تتوقف عليه صحة الالتزام بالأحكام الشرعية، فهو يكون في هذه الحالة كالمجنون أو المعتوه الذي أجمع الأئمة على عدم نفاذ طلاقه.
فالمشرع المغربي تبنى الفقه القائل بعدم جواز طلاق السكران آخذا بالحالة القائمة وقت السكر، حيث نص في المادة 90 على ما يلي :” لا يقبل طلب الإذن بطلاق السكران الطافح … “.
والمقصود بالسكران، الطافح الذي فقده السكر القدرة على التمييز وإدراك حقيقة تصرفاته ، وإن كان كذلك يرى عدم وقوع طلاقه ، لان آثار الطلاق تطال الزوجة والأولاد ، لاسيما وأن الزوج في هذه الحالة يكون فاقد الإرادة والاختيار وتبقى السلطة التقديرية لقاضي الموضوع في تقدير درجة السكر، وما إذا كانت تؤثر على نفاذ الطلاق، أم لا ، لان ذلك يعتبر من الوقائع التي يختص بالفصل فيها قاضي الموضوع وحده، لا رقابة عليه من المجلس الأعلى إلا من حيث التعليل .
4- طلاق الغضبان:
قسم ابن القيم الغضب إلى ثلاثة أقسام.
الأول: يزيل العقل فلا يعلم ما يقول، ولا يريده ، فهذا لا ريب في أنه لا ينفذ شيء من أقواله .
الثاني: أن يحصل له الغضب بداية ، بحيث لا يتغير عقله ، ويعلم ما يقول و يقصده و هذا لا إشكال في أن طلاقه يقع .
الثالث: من توسط المرتبتين، بحيث يستحكم به الغضب ويشتد، ولا يزيل العقل بالكلية، ولكنه يحول دون المرء ونيته، بحيث يندم على ما فعل إذا زال غضبه فهذا محل نطق، وقد رجع ابن القيم طلاقه،و خلافا لذلك يقول صلى الله عليه وسلم :” لا طلاق ولاعتاق في إغلاق” ، وتفسير ذلك أن الغضب يغلق على الشخص باب الإرادة والقصد، ويسد عليه طريق الوعي ولإدراك، ولأن الغضبان في هذه الحالة يكون مسلوب الإرادة والإدراك لشدة انفعاله وهيجانه ، وخلافا لذلك نجد لشوكاني يقول ” لو كان كذلك لم يقع على أحد طلاق لأن أحد لا يطلق حتى يغضب “.
والراجح أن تفسير ابن القيم وما أخذ به الأحناف حيث ذهبوا إلى أن طلاق الغضبان لا يقع إلا إذا بلغ به الغضب مبلغا لا يدري معه ما يقول أو ما يفعل، أو وصل به إلى حالة تغلب فيها الهذيان واختلاط الجد بالهزل ، وإن كان يعلم أقواله ويريدها ، ودرجة الغضب وشدة معيارها مدى تأثيرا الغضب المطلق وتصوره لما يريده وهي مسألة موضوعية تقاس على السكر الطافح ، المشرع المغربي أخذ بهذا الرأي ولم يعتبر وقوع الطلاق بالنسبة للغضبان، إذا كان مطبقا واشتد غضبه.
5- الطلاق الهازل :
طلاق الهازل واقع عند المالكية والشافعية والأحناف تطبيقا للحديث النبوي الذي رواه أجمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة ” فالهازل هو الذي يقول اللفظ ولا يقصد منه إلا اللعب واللهو والمزاح دون نية تحقيق ما تلفظ به، وقد اعتبر طلاق الهازل واقعا عند الجمهور حتى لا يتخذ الناس ذكر ذريعة للهو بأحكام الشريعة وتطبيقا لقول الله تعالى : ولا تتخذوا آيات الله هزوؤا ، ويذهب بعض الفقهاء إلى القول بعدم وقوع طلاق الهازل لأن اللفظ الصريح يفتقر إلى النية والهازل لا نية له .
لذلك يمكن القول، بأن الطلاق الصادر من الهازل واقع لأن الطلاق مثل الزواج يستوي فيه الجد والهزل تطبيقا للحديث الشريف .
الفقرة الثانية: الشروط المتعلقة بالزوجة
حتى يقع الطلاق صحيحا يشترط في الزوجة أن تكون زوجة للمطلق حقيقة أو حكما، ويقصد بكونها زوجة للمطلق حقيقة بأن تكون الزوجية مستندة إلى عقد زواج صحيح قائم بالفعل سواء الدخول أو لم يقع ، أما الزوجية القائمة حكما، فيمثل لها بالمعدة من طلاق رجعي حيث تكون الزوجية في حكم القائمة طالما أن العدة لم تنته، لأن الطلاق الرجعي لا ينهي الرابطة الزوجية كما هو معلوم، ولا تكون محلا للطلاق :
-المرأة الأجنبية أي تلك التي لا تعتبر زوجة، إذ لا يتصور أن يقع طلاق عليها، إذ لا طلاق إلا بعد زواج، وبهذا لا يعتد بالطلاق ولو صدر معلقا على شرط التزوج بها مستقبلا .
-المطلقة قبل الدخول والخلوة حيث يعتبر طلاقها بائنا ولا عدة لها فتصبح أجنبية بمجرد طلاقها .
– المعتدة من طلاق بائن بينونة كبرى
– المرأة التي تزوجها الرجل بعقد فاسد
الفقرة الثالثة: الشروط الخاصة بالصيغ
صيغة التعبير عن الطلاق هي نفسها عند التعبير عن الزواج، فهي إما باللفظ المفهم، أو الكتابة، ويبقى للعاجز عن التعبير لفظا أو كتابة بالإشارة المفهومة التي تدل رغبته وتعبير عن الطلاق.
أولا: صيغة الطلاق
ويقصد بصيغة الطلاق العبارة التي ينطق بها الرجل، للدلالة على حل رباط الزوجية وإيقاع الطلاق بالفعل، وهذه الصيغة قد تكون دالة دلالة صريحة على هذا المعنى المقصود من الطلاق، وهو ما يسمى بالطلاق الصريح، وقد لا تكون كذلك، وإنما تدل على المعنى المقصود به الطلاق، وهذا ما يسمى بالطلاق الكنائي.
والمدونة قد أشارت إلى ذلك في هذه المادة .
” يقع الطلاق باللفظ المفهم له وبالكتابة ويقع من العاجز عنها بإشارته الدالة على قصد”، وقد قسم الفقهاء الألفاظ التي تستعمل في الطلاق إلى ما يلي :
أ- الطلاق الصريح :
هو الذي يتم باللفظ الصريح على حل الرابطة الزوجية، أي فيه لفظ الطلاق وما أشنق منه، كأن يقول ” طلقتك ” أو أنت ” طالق” أو أنت ” مطلقة” أو يأتي بصيغة أخرى تفيد المعنى ” إني أعتبرك محررة من رابطة الزواج التي جمعت بيننا ” .
يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه الألفاظ الصريحة ثلاثة الطلاق، الفراق والسراح، وهي المذكورة في القرآن الكريم .
ب- الطلاق الكنائي :
يكون الطلاق كناية إذا كان يحتمل معنى الطلاق، وغيره ولم يتعارف في الاستعمال قصره على معنى الطلاق مثل أنت بائن ، فهو يحتمل البينونة على الزواج، مثل أنت حرام علي ويرى بعض الفقه ضرورة الاعتداد بنية الطلاق، وبه قال الشافعية والمالكية والحنابلة، في حين يقول الحنفية بان هذه الألفاظ يقع بها الطلاق ، بدلالة الحال أو نية الزوج بينما لا يقصد الظاهرية بهذا الطلاق .
ثانيا: الطلاق المعلق على الشرط
قد يكون الطلاق معلقا على شرط، أو على وقوع شيء في المستقبل أو تركه، كأن يقول الزوج لزوجته ” إذا زرت فلانة فأنت طالق” ، ففي هذه الحالة يقع فعلا الطلاق إذا وقع ما علق عليه .
والطلاق المعلق هو ما كانت صيغته معلقا فيها الحصول على تحقيق أمر بآخر، بأداة من أدوات الشرط والتعليق وأدوات التعليق هي : أن ، إذا ، وكلما، وما شبهها ومثل ذلك ، ويشترط الفقه لوقوع هذا الطلاق ثلاثة شروط :
1- أن يكون على أمر معدوم ، ويمكن أن يوجد بعد ، فإن كان أمر موجود فعلا، حين صدور الصيغة، مثل أن يقول إن طلع النهار فأنت طالق، والواقع أن النهار طلع فعلا ، كان ذلك تنجيزا وإن جاء في صورة التعليق، فإن كان تعليقا على أمر مستحيل كان لغوا، مثل دخل الجمل في إسم الخياط فأنت طالق.
2- أن تكون المرأة حين صدور العقد محلا للطلاق بأن تكون في عصمته
3- أن تكون كذلك حين حصول الفعل المعلق عليه.
ثالثا: الحلف باليمين أو الحرام
اعتاد عامة الناس الحلف باليمين على أبسط الأمور، ويقصد بالطلاق باليمين أن يقول الزوج لزوجته ” علي الطلاق لأفعلن كذا” وحكم هذا الطلاق الوارد على صيغة الأمر، أنه لغو لا يقع شيء، لأنه ليس الغرض به حل قيد الزواج، بل حمل نفسه على فعل أو ترك ، أو جمل مخاطبة على شيء .
والأمر نفسه ، حيث ينظر إلى العبارة هل تقصد بها الكتابة، حيث يقع الطلاق؟ كما إن حلف وإن لم ينو الطلاق فهي يمين يكفرها، وقد أخرج النسائي عن ابن عباس أنه أتاه فقال : إني جعلت امرأتي علي حراما، قال: كذبت ليس عليك بحرام ثم قوله تعالى : ا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك وهو العليم الحكيم.
مدونة الأسرة في هذه المادة لم تعتد بالطلاق عن الحلف باليمين أو التحريم.
رابعا: طلاق الثلاث في لفظ واحد
قد يعمد الزوج إلى الجمع الطلاق الثلاث بما يفيد تعدد الطلقات، أو يكررها ثلاثة مرات، للفقه رأي في هذه المسألة ففي المذهب الحنفي يعتبره طلاقا بدعيا يقع به الطلاق، ويكون الزوج بذلك عاصيا، مستدلين بالعديد من الآثار منها حديث ابن عمر قال: يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا؟ قال ” لا كانت تبين هناك وتكون معصية” .
وبه قالت المالكية مع الكراهة فطلاق السنة يكون بطلقة واحدة .
أما الإمام الشافعي فلا يحرم جمع الطلقات، يقول الإمام أبا حنيفة ومالك، وأحمد بن حنبل أنه طلاق محرم، ولو أن هناك اختلاف في الروايات.
ويرى الفقه الظاهري بأن الطلاق أكثر من مرة دفعة واحدة ، يقع مرة واحدة. وهذا ما أخذ به المشرع المغربي في هذه المادة التي تنص على ما يلي :
” الطلاق المقترن بعدد لفظا أو إشارة أو كتابة لا يقع إلا واحدا”
فإذا كانت نية الزوج منصبة على الطلاق الثلاث ، وعبر عن ذلك لفظا، أو بإشارة معلومة تفيد ذلك خصوصا إذا كان لا يحسن النطق، أو كتابة ، كتعبير عن إرادته كما هو الشأن في صيغ الزواج، ففي جميع الأحوال فإن الطلاق لا يقع إلا واحد، وتحسب طلقة واحدة، حيث يمكن مراجعتها ، إذا كان الطلاق رجعيا، او العقد عليها من جديد إذا بانت منه.